كتاب : دولة النساء ( تأليف – تصميم – وتنفيذ الفنان الليبي : فتحي العريبي ) منشورات مجلة كراسي www.kraassi.com



كتاب
دولة النساء
مبدعات عربيات 
متلبسات بألوان قوس قزح
وأبجدية حروف الضاد
 

   

ااا  فتحية العسال  ااا
( ترفض كتابات الأظافر الطويلة )
 


 

تعد تجربتها الإنسانية والأدبية تجسيدا لوضع المرأة المتحررة في البلدان النامية ، تلك المرأة التي يعتبر تعليمها مسألة هامشية وفتحيه العسال هذه المرأة العربية النادرة استطاعت أن ترفع وعيها من قاع الجهل السحيق إلى قمة الفكر والإبداع الخلاق لتصبح بعد نضال مرير من أفضل كاتبات العرب سواء في الدراما المرئية والمسموعة والمسرحية .

وهي الكاتبة التي قطعت المسافة الطويلة من فعل القراءة إلى فعل الكتابة و احتضنت بصدق قضايا ( الناس اللي تحت ) لكي تصفها في مشاهد ناطقة وحية ومثيرة أمام أنظار : ( الناس اللي فوق ) .

ففي مطلع شباب هذه الكاتبة وحين كانت فتحية في الثالثة عشرة من عمرها ظهرت عليها ملامح أنوثة مبكرة فما كان من والدها إلا أن يلزمها البيت ويبعدها تماما عن التعليم في المدارس  وعلي أثر ذلك حرمت هذه الشابة المتفجرة ذكاء وأنوثة من القراءة والكتابة رغم مواصلة أخوتها الذكور لتعليمهم وكان هذا الحدث أول إحساس لها بالاضطهاد غير أن ذلك لم يولد لديها الرغبة في أن تكون رجلا حتى تحصل بالتالي علي ما تريد بل زرع في داخلها حالات متوهجة من الإصرار والتحدي للحصول علي حقوقها كافة غير منقوصة رغم كونها امرأة .
 

بدأت في تعليم نفسي داخل المنزل ومع تقدمي في التعليم أقبلت علي القراءة بنهم ، فكانت أمامي عوالم مبهرة من المعرفة ونوافذ واسعة أطل من خلالها علي الدنيا التي حرمت من الخروج إليها .
 

وذات يوم اضطرت أمها لإرسالها في – الترام – لإحضار شقيقها من مكان معلوم وكانت فتحيه أول مرة تستقل فيها الترام ورأته يجلس في مقهى قريب من المحطة ما أن رآها حتى حاول ملاطفتها والتودد إليها والتحدث معها لكنها لم تستجب له فيما توالت رحلاتها بهذه القاطرة الكهربائية يجللها الخوف والإحراج فقد تكررت محاولاته وهي صامتة لا ترد مما دفعه للإعلان عن رغبته في خطبتها من أهلها وأيضا لم تجب فتحية علي رغبته هذه لأنها بالفعل كانت مخطوبة لشاب آخر فلم ييأس العاشق وسعي بطريقته الخاصة للتعرف علي مكان بيتها وأرسل إليها بواسطة الخادمة رسالته الأولى فجاوبته فتحية عليها وشرحت له وضعها وأخبرته أنها ممنوعة أيضا من التعليم في المدارس .

ولم تكن رسالة فتحية ردا علي خطاب غرامي بل أقصوصة قصيرة مترابطة زادت من تعلق  عبد الله الطوخي بهذه الفاتنة السمراء ولم يمض وقت طويل حتى فسخت فتحيه خطوبتها وانصرفت بكل مشاعرها نحو عبد الله الذي لم يتأخر في الزواج منها لتبدأ بينهما الرحلة الحقيقية عبد الله من جهته أخذ يؤدي دوره بنجاح في الحياة الأدبية والسياسية وفتحية أنجبت منه ولدين ثم انخرطت في العمل العام لخدمة الناس المحرومين من التعليم وبخاصة أبناء الأحياء الفقيرة .
 

افتتحت فصولا لمحو الأمية للسيدات في حي السيدة زينب واستطعت بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم افتتاح أربعة عشر فصلا لهذا الغرض.
 

في أثناء إشرافها علي هذه الفصول لاحظت تحول السيدات عن الحصص للاستماع إلى إذاعة المسلسل الاجتماعي اليومي في إذاعة القاهرة ولاحت لها فكرة مفادها أن تكتب هي الأخرى مسلسلات إذاعية تخاطب من خلالها هولاء النسوة علي نطاق واسع . وكتبت فتحية عام 1957 مسلسلا اجتماعيا بعنوان : اللون الرمادي ، أعقبته بمسلسل عزيزة .
 

عزيزة أعرفها معرفة شخصية إذ كانت تقيم في الحي الذي أعيش فيه وكانت هذه السيدة تعتاش من بيع : البندورة وقد وهبها أحد الفتوات صندوقا خشبيا كبيرا تبيع فيه الطماطم وتتخذ من هذا الصندوق سكنا لها وأشترط عليها أن تتقاسم معه الأرباح ورضخت السيدة لذلك حينا من الوقت وعندما أدركت استغلاله لها من دون جهد يذكر أعلنت عليه العصيان واستقلت بتجارتها ومن يومها وأنا أكتب عن المرأة .
 

والأستاذة فتحية العسال هي أول كاتبة عربية يعرض لها عمل أدبي علي خشبة المسرح – مسرحية : المرجيحة في وقت كانت فيه الكاتبة صوفي عبد الله تكتب للمسرح ولم تعرض أعمالها كما أن الكاتبة الكبيرة أمينة الصاوي قد أعدت مسرحية طويلة عن ثلاثية نجيب محفوظ ولم تعرض هي الأخرى . ومن الملفت للنظر أن هذه الأسماء الكبيرة قد اختفت وبقيت فتحية العسال الوحيدة التي تكتب للمسرح طوال خمسة عشرة سنة إلى أن ظهرت الكاتبة: نهاد جاد والكاتبة ليلي عبد الباسط فأصبحنا ثلاث كاتبات بارزات .
 

إن المسرح يحتاج إلى كلمة جريئة وجادة ، كلمة في إطار موقف اجتماعي ورؤية شاملة وهذه شروط لا تتوفر لدي كثير من الكاتبات .
 

وللتلفاز المصري كتبت فتحية العسال عام 1967 السهرة المرئية : حبال من حرير - جسدت فيها مشاعر الأم تجاه ابنها الوحيد وصراعها الوطني بين الأمومة والواجب ، وكانت هذه السهرة تدشينا لعشرات الأعمال الأخرى مثل : هي والمستحيل – الحب وأشياء أخري – الحب والصبار .
 

أعتقد أن الالتزام الفكري أو السياسي مسألة ضرورية بالنسبة للأديب لان إيمان الكاتب بقضية يدفعه بالضرورة إلى الانحياز لفكرة اجتماعية أو سياسية تبلور معتقداته وتعمق رؤيته في الدفاع عما يؤمن به .
 


 

الكتاب مجاز من قبل إدارة المطبوعات في بنغازي
بموجب الرسالة رقم م ط / 896 / 71 / 2003
المؤرخة في 16 / 1 / 2003



ومسجل تحت رقم 5379/ 2003 بدار الكتب الوطنية - بنغازي
المركز البيليوغرافى الوطني
وحدة الإيداع القانوني

جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بنقل أي جزء من نصوص وصور وموسيقي هذا الكتاب إلا بموافقة كتابية خاصة ، فيما عدا حالات الاقتباس القصيرة بغرض النقد أو التحليل وفقا للقواعد التي تفرضها الأصول العلمية .


 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
   فهرس محتويات كتاب : دولة النساء
 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
هذه الدولة
 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
التعريف بالمؤلف - CV
  
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
الصفحة الرئيسية للكتاب
  ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجلة كراسي - Home
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
^ ^ الانتقال إلي أعلي الصفحة ^ ^