تشكيلية - أدبية
غير مرتبطة بمواعيد تحديث ثابتة
 

العدد السابع
25 أكتوبر 2005
 
السنة الأولي

رئيس التحرير : فتحي العريبي


عدد خاص
  ـ الكرسي في  القصة الليبية  القصيرة  ـ الجزء  الأول


 

 

 

كراسي
تتحدث عن نفسها

رامز النويصري(*)
 



 

تمنت أمه ( أم أحد هذه الكراسي ):
- يوفقك الله، لتخدم في مكتب مدير.

 - لدي ابن عم، حالفه الحظ، وخدم في مكتب مدير، كل يوم يفيق على منشفة
 الفراش، تمسح وجهه، وظهره وأذرعه، حتى آخر أرجله.. ليبدأ خدمته الثقيلة،
فالمدير (ما شاء الله) من أصحاب الكروش الواسعة، يرمي بثقله عليه، يدس تحته حذاءه، ولا يكاد، حتى يبدأ دورانه، يمين شمال.. يمين شمال .. يمين شمال.. مسكين ابن عمي هذا، لكنه منجم حكايات، يحفظ الكثير ويعرف الأكثر.

- الخدمة في مكتب مدير.. عـز .. !!.

- ربما، لكن نحن لا حول لنا ولا قوة، في النهاية لا مكان لنا حتى في الاستيداع.. ابن عمي هذا انتهى به الحال، في مكتب الغفارة على الباب، المدير الجديد لم يحتمل رؤيته، فقرر من فوره إخراجه عن خدمته.. مسكين ابن عمي، تحمل الكثير، من ثقل المدير إلى ثقل الغفير.

أبوه طيب، ولا يبحث في هذه الدنيا عن مكان، ظل طوال حياته مكتفياً بمكانه تحت الشمس، قبالة النافورة، متذكراً كيف يغسله رذاذها، ويقفز عليه الأولاد، عندما كرمته دائرة الحدائق منحوه لوناً اخضراً وأطرافاً جديدة، مزخرفة، وعالجوا قدمه اليسرى.. مرت السنوات، كان يقول:

- السماء تظل جميله، والحياة تحتها نعمة، حتى فصل الشتاء، فيأكل فيك البرد جزءاً، والمطر جزءاً.. أما الصيف فهو في بلادنا جهنم، الشمس حارقة، والشجرة بجانبي فقدت أوراقها مبكراً.. ولا أريد تذكر الخريف برماله التي تسفح وجهي وتقشره..، خمسة عشر خريفاً والرمل والريح تسفح وتقشر دون يدٍ تعيد اللون إلى أوله.

 

شهادة بأقلام الفحم
أدلي بها الفنان الليبي : محمد بن الأمين
حول قصة كراسي تتحدث عن نفسها

- أبي، انتهى في مأساة، تحول إلى (رافدة)، في حركة التجديدات اخترقته خمسة
  مسامير.. كان بديله جاهزاً، ومن طراز ينتمي لعائلة الصخر، باردٌ، وجامد
.

- أمي لم تبتسم لها الحياة كيراً.. بعد خدمتها الطويلة في الصالون الكبير، تحولت لخدمة السيد في مكتبه الخاص.. كانت تضطر لحمل الكتب والأوراق طوال اليوم والليل، وفي بعض الأحيان كان عليها تحمل رائحة قميصه الملقى على وجهها.. مرة حولها سلماً، ومرة فرساً، وأخرى متكأ لقدميه.. في يوم أغضبته السيدة، فدخل غاضباً كانت أمي تحت الأوراق، دفعها، لم تتمالك نفسها فوقعت، ضربها، فكان أن كسرت ساقها اليمنى.. وانتهى بها الحال في البدروم .. وآخر مرة كانت غادرت في شاحنة بائع للأشياء المستعملة.. أخمن أنها ربما تجلس في ركن بأحد الأحياء الفقيرة، وإن ابتسم لها الحظ فربما تقابلنا في أحد هذه العمارات.

- وأنت..؟!!

- وجدت نفسي في قاعة للانتظار، مستشفىً كبير، ومرضى أكبر.. كنت فتياً تحملت الصغار يتقافزون فوقي، يصعدون/ينزلون، تزاحم علي المرضى، زُحزحت، تحولت سريراً.. حفظت الآهات، وشخصت الأمراض، لم أعالج، فنحن نظل مجرد خدم في هذه القاعة، حتى الصباح عندما يأتي عمال النظافة فيرموننا خارجاً بقوة، ومن بعد يعدوننا دون ترتيب..

- وجدت نفسي.فجأة بدون ذراع، وفجأة بدأت أتعب من الوقوف فاتكأت على الحائط، حتى أقصيت إلى ركن في الغرفة، تحولت معه إلى حامل لسلة النفايات.. واليوم نزاحم بعضنا في هذه السيارة مكدسون.

-  وما الذي سيحدث؟؟!!

- أيْ.. أي.. كنت أسمع أن الطرق مليئةٌ بالحفر، والآن تأكدت.. الحبل يضغط على
  ظهري، بقوة.

- هل سيكون مكاننا الجديد، أفضل؟

- أفضل/أقل، نحن مكدسون في هذه السيارة منذ ساعة،....

- آآآآآآآه.. أي

- هيه..
 
- آي.. أي.. أي..

-  كيف الحال؟.. وصلت على الخير.

-  أدر السيارة قبالة المخزن، وتعال لكأسٍ من الشاي.

-  هيه.. تكسرت عظامي!!

-  آآآه، لقد فقدت رجلي الثانية!!

تمنت أمه، خدمته في مكتب مدير.. انتهى والده، رفداً بخمسة مسامير.. بقي يستمع لآهات المرضى وشكواهم.

في الأسبوع الأول سقط عن الكوم، وتدحرج.. في الشهر الثاني، في حركة التغيريات تحول قرب الباب.

البرد قارص، والحارس يقطع الليل بالغناء، يقترب من المخزن، يجره إلى حجرته، يحس بعض الدفء في النار المشتعلة.

-  هيه، كيف حالك؟

-  تمام، أدركت وصف أبي للشتاء بالقاسي.. منذ متى وأنت هنا؟

-  اليوم صباحاً.

الحارس يعود، والنار تجاري نسمةً باردة مرت.. الحارس يمد يده، يتناول قدمه ويلقي بها للنار، قدمه الثانية.. ثم...



محمد بن الأمين يرسم بالأحمر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*)
رامز رمضان النويصري

* - مواليد مدينة القاهرة يوم 25 .8 .1972
* - مهندس طيران 
* - عضو رابطة الأدباء والكتاب الليبيين
* - يكتب في الشعر والمقالة والقراءات النقدية

نشاطه الأدبي

بدأ الممارسة الشعرية فعلياً منذ العام 1988، بالاتصال مع برنامج (ما يكتبه المستمعون) الذي كان يعده الأستاذ : سالم العبار  ( كاتب وقاص، ورئيس تحرير صحيفة أخبار بنغازي ) وداوم رامز على النشر منذ العام 1991 من خلال صحيفة  (الطالب ) فترة دراسته بالكلية ( كلية الهندسة )، كما نشر في مجلة ( لا ) وصحيفة  (قاريونس )، وعربياً في مجلة ( الكفاح العربي )، وتضمن النشاط أيضاً المشاركة في المناشط والأمسيات الثقافية.

في العام 1994 كان أول تماس مباشر له مع الصحافة من خلال عمله كمساعد مخرج وخطاط بصحيفة (المدينة ) والتي كانت تصدر عن نادي المدينة الرياضي ، إضافة لنشره بعض الموضوعات من خلال الصحيفة.

في العام 1998 بدأ الكتابة الفعلية من خلال صحيفة  (الشط )، التي تصدر عن أمانة إعلام طرابلس، ثم أخذ تولي مهام ( سكرتير التحرير ) وذلك حتى منتصف العام 2000 ، حيث انتقل بعدها للكتابة في صحيفة  (الجماهيرية ) حتى هذه اللحظة من خلال زاوية أسبوعية ضمن الملف الثقافي للصحيفة بعنوان (وقت مستقطع ).

يشرف حاليا علي الملف الأدبي بصحيفة  (الشباب ) الصادرة عن اللجنة المشرفة على الروابط الشبابية. إضافة للمساهمة في الندوات والأمسيات الثقافية ، والنشر في الصحف والمجلات المحلية والعربية والإلكترونية.

في الأول من شهر أبريل 2000 أطلق موقعه الشخصي علي الإنترنت تحت عنوان : خربشات
www.kharbashat.4t.com

كما أنشأ يوم 22 .9 .2000 موقع  www.tieob.com ( بلد الطيوب ) الذي يهتم بالأدب الليبي والحركة الثقافية في ليبيا. جيث يصدر من خلاله مجلة شهرية باسم (المقتطف) تهتم بتقديم المناشط الثقافية في ليبيا، وتعمل على تقديم كل ما هو إبداع - العدد الأول نشر علي الشبكة في أوائل نوفمبر 2001

صدرت له الكتب التالية

(1)- قليلا أيها الصخب – بموقع أفق الألكتروني – 2003
(2)- مباهج السيدة واو – منشورات مجلة المؤتمر – طرابلس 2004
(3)- بعض من سيرة المشاكس – دار البيان – بنغازي 2004

البيانات أعلاه نقلا عن :
موقع - عش الحمامة 
http://www.fathielareibi.com  
زاوية
: أبعاد ثقافية



اللوحة لـ :
محمد بن الأمين
 

ــــــــــــــــــــــــــــــــ
فهرس العدد السابع
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
أرشيف المجلة
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
الصفحة الرئيسية  
ــــــــــــــــــــــــــــــــ


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
      
ااا 
الناشر : مرسم عش الحمامة  ااا
  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 
 التعريف بالمجلة
  ونوعية النشر
  علي صفحاتها

 

   
 
 ^ ^ الانتقال إلي أعلي الصفحة ^ ^